البرلمان في كل البلدان التي تحترم نفسها هو القلب النابض للديمقراطية لأنه يمثل الإرادة الشعبية ويجسد المطالب الأساسية والحيوية للأمة ويعكس المستوى السياسي للمعارضة والأغلبية. بدون برلمان ليست هناك ديمقراطية ولا سياسة ولا هم يحزنون. ومأساتنا الحقيقية في الجزائر اليوم هي هذا البرلمان الذي يكلف الشعب كلُّ برلماني «محترم» جالس فيه ما قيمته مليار سنتيم عن مدة انتدابه أو غيابه على الأصح.
لم نعد قادرين على تحمل مصاريفكم ونفقات أسفاركم وتعويضات مساعديكم، دون أن نرى نتائج كل هذه الميزانيات الباهظة التي ننفقها عليكم من ضرائبنا كل شهر يجب أن يعرف هؤلاء البرلمانيون والمستشارون، الذين يتقاضون رواتبهم وتعويضاتهم من أموالنا دون أن يكلفوا أنفسهم مشقة الحضور إلى البرلمان أن ما يقومون به يدخل ضمن جريمة السرقة. نعم إنكم أيها البرلمانيون الذين تتقاضون رواتبكم من ضرائبنا وتدمنون الغياب عن حضور جلسات ومناقشات البرلمان لستم سوى لصوص متنكرين في ثياب برلمانيين، والأموال التي تتقاضونها هي أموال حرام لأنها مقتطعة من عرق بسطاء وفقراء هذا الوطن وإذا لم يكن هناك من يحاسبكم عليها هنا في هذه الدنيا أمام الشعب فإنكم لا محالة محاسبون عليها في الآخرة أمام الله والحج الذي تذهبون إليه على نفقة ميزانية البرلمان حرام وغير جائز شرعا لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وأنتم مقتدرون ماليا وتستطيعون أن تحجوا على نفقتكم لا على نفقة الشعب الفقير. ولذلك على إدارة البرلمان والآمر بالصرف في هذه الحكومة أن يتحملوا جميعا مسؤولياتهم أمام الشعب وأمام الله، وأن يمتنعوا جميعهم عن التأشير على صرف رواتب هؤلاء اللصوص الذين يسرقون أموالنا بلا حياء أو خجل، لأن الاستمرار في صرف رواتب وتعويضات البرلمانيين المدمنين على الغياب يعتبر تواطؤا مفضوحا معهم وتبذيرا فاضحا للمال العام يستوجب المحاسبة والمحاكمة.
إن النائب يجب أن يعطي بجديته وحرصه على الحضور والمتابعة، المثال الحي على ممثل الأمة الحريص على مصالح الفئة التي يمثلها أمام الحكومة أين هم كثير من نوابنا من هذه الصورة المشرفة لممثل الأمة. لقد أصبح اسم «برلماني» في الجزائر مرادفا للغياب والاستخفاف بالمسؤولية والعبث بصورة البلاد التشريعية أمام العالم الخارجي الذي يرى صور المجلــس الشعبـــي الوطنـــي في قنوات الإعلام العمومي شبه فارغ إلا من بعض البرلمانيين الغيورين الذين لازالوا يحضرون و«يحللون» رواتبهم الشهرية. لذلك فالواجب الوطني والديني يحتم على علمائنا الذين تخصصوا في الإفتاء في مواضيع الخمر والحمل والعادة السرية، أن ينسوا هذه المواضيع قليلا وأن ينخرطوا في معركة رد الاعتبار إلى العمل التشريعي عبر تحسيس هؤلاء البرلمانيين، المسجلين في ركن المتغيبين، بخطورة ما يقومون به على بلدهم وعقيدتهم.
وإذا استمر البرلماني في غيابه فآنذاك يجب انتزاع صفة برلماني منه وحرمانه من الامتيازات الذي يسعى كثير من البرلمانيين المتغيبين إلى تحقيقها على حساب ضرائب الجزائريين إن وظيفة تمثيل الأمة ليست تشريفا، بل هي تكليف يطوق عنق البرلماني أمام الله وأمام الشعب وعلى كل من يخون هذه الأمانة أو يبخسها حقها أن يعرف أنه يخون أمانة الله ويبخس ثقة الشعب ويخل بالاحترام الواجب للوطن.