المدونون في بلادنا یواجھون ھجمة غیر مسبوقة وتحدیات تقید حریتهم الفكرية وهذه الهجمة تتجاوز ما كانت علیه قبل “الربیع العربي” وقال احد المدونين الشباب والذي رفض أن نذكر اسمه تجنبا للمشاكل مع سلطات القمع أن نظام الحركي والمصالح المرتبطة به أدركت بعد الثورات العربیة أن الانترنت قد یشكل خطرا علیھا مضیفا أن جھودا كبیرة تبذل لإعادة إنتاج قوانین قمعیة كوسیلة لفرض الرقابة وخنق حریة التعبیر على الانترنت. واعتبر أن ھناك الیوم ھجمة غیر مسبوقة على النشطاء عموما والنشطاء الرقمیین خصوصا لافتا بالمناسبة إلى حالة الشاب محمدي عبد الحكيم مدوّن فايسبوكي الذي تم إسكاته لیس لأنه ارتكب جریمة لكن لأن وجوده في حد ذاته یشكل خطرا على نظام الحركي.
التحدیات التي يواجهها المدونون في بلادنا الآن أصعب وتختلف عما كانت علیه قبل الثورات، نشطاء الانترنت في بدایة الربیع العربي كانوا أكثر تنظیما وترابطا ولدیھم وضوح في الرؤیة وكانت السلطات تستخف بھم أما الان الوضع أصعب بكثیر لأن النظام الآن تعلم بأن نشطاء الانترنت بإمكانھم أحداث تغییر وبات ھناك ترصد للنشطاء وبالتالي یجب أن یكون لدى هؤلاء النشطاء وسائل مختلفة لمواجھة ھذه التحدیات فمجموعة من الشباب النشطاء يرون أن الأوضاع الحالية في البلاد غير مطمئنة والمستقبل مجهول، ويطرحون العديد من التساؤلات، أبرزها: هل هذا ما كنا نتطلع إليه في وطننا الذي يقولون لنا أن نفتخر بأنه عاش 50 سنة ماضية من الديمقراطية؟؟؟! فالشباب النشطاء على الانترنت يدركون أنهم مراقبون وأن اتصالاتهم مرصودة كما يقرون باستخدام وزارة الداخلية من طرف المفسدين في البلاد لقمع أصواتهم ولذلك حذروا من أن هذا النهج سيقود إلى توليد الأحقاد في المجتمع أمام قانون لا يطبق على الجميع ويميز بين الناس لكنهم مصممون على الاستمرار في النضال الرقمي إلى حين تحقيق وطن أفضل لا يفرق بين فلان وعلان.
الحق في حریة الرأي والتعبیر حق أساسي یظھر في عدد من الاتفاقیات الدولیة والإقلیمیة. وتعتبر المادة 19 في القانون الدولي للحقوق المدنیة والسیاسیة وتنص هذه المادة على ما یلي. : 1 لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضایقة. 2 : لكل إنسان حق في حریة التعبیر ویشمل ھذا الحق حریته في إلتماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقیھا ونقلھا إلى آخرین دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأیة وسیلة أخرى یختارھا. 3 : تترتب ممارسة الحقوق المنصوص علیھا في الفقرة 2 من ھذه المادة واجبات ومسؤولیات خاصة وعلى ذلك یجوز إخضاعھا لبعض القیود ولكن شریطة أن تكون محددة بنص قانوني.
فهل يسير النظام عندنا على خطى نظام العسكر في مصر والذي أعلن عن إعداد قانون لمكافحة جرائم الإنترنت، في حين أن النظام العسكر كان يخطط لتقييد حرية التعبير على الإنترنت وذلك منذ إجراءه التعديلات الأخيرة على مواد الدستور في عام 2014. حيث نص الدستور في المادة 31 على أن “أمن الفضاء المعلوماتي جزء أساسي من منظومة الاقتصاد والأمن القومي، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليه، على النحو الذي ينظمه القانون وقد حذرت عدة منظمات دولية النظام المصري من أن هذا النص الدستوري يسمح “للمُشرِّع وللأجهزة الأمنية بملاحقة المدونين والمواطنين الذي يعبرون عن آراء مزعجة للسلطات على مواقع التواصل الاجتماعي”.
حرية التعبير جزء من مفهوم “الحرية” العام، والأصل في المواد الدستورية المنصوص عليها في باب الحقوق والحريات في الدستور هي “الحرية” وليس “التقييد” ومن هذا الباب نطلب من الحومة إطلاق سراح محمدي عبد الحكيم المدوّن الفايسبوكي بدون شروط لأن صورة البلاد أمام العالم لم تعد تحتمل المزيد من الترهات.