نشرت جريدة “فايننشال تايمز” تقريرا مثيرا للجدل حول الدور الكبير الذي لعبته السجون والمعتقلات في شرع التطرف والتشدد معتبرة أن إعادة التفكير ضرورة استراتيجية لمواجهة الميول الراديكالية.
وقال كاتب التقرير وهو الكاتب جواد إقبال من معهد الشؤون الدولية في مدرسة لندن للاقتصاد :” زعيما تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، وكلاهما مطلوب، مدينان في تعليمهما في مجال القتل الجماعي للفترة التي كانا فيها في السجن، مشيرا إلى أن عمليات التشدد تعد رابطة عامة في الجهادية الحديثة، وتعود في جذورها إلى السجون المصرية، في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وفي ظل نظام جمال عبد الناصر العسكري”، مشيرا :” “سيد قطب، الذي يعد الأب الروحي لإسلاميي اليوم، تم سجنه في ظل نظام عبد الناصر العسكري، وتحول بفعل كتاباته وإعدامه عام 1966 إلى شهيد، وأصبحت فكرته الرئيسية، التي وجدت طريقها بين أتباعه، جوهرية، وهي أن العنف هو الطريق الوحيد لإعادة الصفاء الإسلامي”.
وتابع التقرير :”أحد هؤلاء كان هو أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الحالي، فهو خريج سجون مصرية، وقد أدت تجربته إلى تشدد موقفه المتعلق بالإرهاب، وتبع المسار ذاته أبو بكر البغدادي، الذي مضى في طريق التشدد، من خلال فترة إقامته في سجن كامب بوكا، الذي كان يعد مدرسة للمتطرفين في مرحلة ما بعد صدام حسين”، مؤكدا :”من يقومون بمواجهة الإرهاب الإسلامي حول العالم واعون بالتحديات التي تمثلها عمليات التشدد في السجون، وتحديدا التداخل بين الجنح وارتكاب الجرائم والجهادية، حيث وصف منسق جهود مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي غايلز دي كيرشوف، السجون بأنها الحاضنة العظيمة للتشدد”.
وتحدث التقرير عن دور السجون الأوروبية في هذا الأمر، إذ أفاد :”فرنسا تعد حالة في هذا السياق، فتقدر نسبة السجناء من أصول مسلمة بحوالي 60% من عدد السجناء البالغ عددهم 70 ألف شخص، وكان أحمدي كوليبالي، الذي قتل أربعة من اليهود في متجر للكوشير في باريس، وشريف كواشي، أحد الشقيقين اللذين هاجما مجلة (شارلي إيبدو)، قد تحولا للتشدد في سجون فرنسا، وهناك آخرون أصبحوا ملتزمين إسلاميا في السجون مثل محمد مراح، الناشط في تنظيم القاعدة، الذي قام بهجمات في عام 2012، ومهدي نموش، الذي قام بتنظيم هجوم على متحف يهودي في بروكسل عام 2014″، منوها :”بريطانيا تواجه المشكلة ذاتها، فهناك أكثر من 12 ألف سجين مسلم في كل من إنجلترا وويلز، منهم 131 سجينا لهم علاقة بقضايا التطرف، وأكد المحققون في هجوم مانشستر أرينا أن سلمان العبيدي قام بزيارة متطرف سجين في الأشهر التي سبقت الهجوم”.
وعلق الكاتب :”المشكلة هي كيفية منع هؤلاء السجناء من نشر فكرهم المسموم، حيث ترى الحكومة البريطانية أن الحل هو اعتقال هؤلاء السجناء في وحدات خاصة يطلق عليها (سجن داخل سجن)؛ وذلك لمنعهم من التأثير على الآخرين، وقد تم إنشاء أولى الوحدات في سجن فرانك لاند قرب درام في شمال شرق إنجلترا، وهناك مركزان سيتم افتتاحهما قريبا في الأشهر المقبلة”، مستطردا :”سواء كان هذا التحرك قانونيا أم لا، وربما تحدته المحاكم، إلا أنه يتحرك بعيدا عن سياسة قائمة منذ أمد لتفريق السجناء الإرهابيين الأكثر خطورة في سجون مشددة الأمن، حيث تمت تجربة النماذج ذاتها في شمال أيرلندا وألمانيا للمتطرفين الجمهوريين واليساريين في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وفي فرنسا وهولندا تم عزل الإرهابيين الإسلاميين في أجنحة خاصة، الحكومات تحاول البحث عن استراتيجية متماسكة، وما الحديث عن تعيين وعاظ مسلمين في السجون، وفرض رقابة على الأدبيات المسلمة، إلا مجرد قش في مهب الرياح”.
وعن الحلول المقترحة أفادت الصحيفة :”المقترحات المثيرة للجدل، مثل إعادة التأهيل بدلا من السجن لبعض الوعاظ المتشددين، لم يتم الموافقة عليها، ومن الواضح أن طاقم السجن ليست لديه الخبرة للتعامل مع المشكلة، التي تحتاج لاستثمار ضخم في التعليم وتدريب الموظفين”، مختتمة:”الوقت ينفد: التشدد يتزايد في السجون، وهناك عدد كبير من الهجمات التي يتم ربطها بالسجون”.