قامت صحيفة “واشنطن بوست” بنشر مقال مفصل لنيل كيتشلي، أستاذ العلوم السياسية في كنغر كلوندج لندن، والذي ناقش الكيفية التي استخدم بها جنرالات مصر حركة “تمرد” للإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا.
وقال الكاتب :”الجنرال، (الذي أصبح رئيسا)، عبد الفتاح السيسي، خرج على التلفاز ليعلن تعليق الدستور الجديد، وخلع محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا، وقبل ذلك بأيام، وفي 30 يونيو 2013، كانت هناك مظاهرات تدعو إلى انتخابات رئاسية جديدة، وقال السيسي إن قراره بالتدخل جاء بعد أشهر من محاولات التصالح وإعادة الاستقرار للبلد، ووعد بأن الجيش لا يطمع في التدخل في السياسة ما بعد مرسي”، مضيفا :”قد يبدو ذلك غريبا، فعادة من يحرك الشارع هم التقدميون والثوريون، لكن مجموعة من الأبحاث التجريبية تشير إلى أن الفاعلين الأقوياء في الدولة قد يلجأون لتسهيل وتنسيق التظاهرات الجماعية لمصلحة أولئك الفاعلين”.
وتابع المتحدث نفسه :”لصناعة تلك الثورة، قامت حركة (تمرد)، وهي حركة على مستوى الشارع، بجمع التواقيع، ثم بالدعوة إلى الإطاحة بمرسي في 30 يونيو، ولم يظهر دور الجيش المصري ووزارة الداخلية في تنشيط الحركة إلا لاحقا، حيث اتضح لاحقا من تسجيلات صوتية مسربة أن قيادة (تمرد) كانت تستخدم حسابا بنكيا يديره الجنرالات، وتمده الإمارات، وتظهر المقابلات مع مسؤولي وزارة الداخلية وأعضاء سابقين في (تمرد) كيف قامت الأجهزة الأمنية بالتحريض على حكومة مرسي، وأدى هذا الكشف إلى فقدان (تمرد) لمصداقيتها بعد الانقلاب، وفي تشرين الأول/ أكتوبر عام 2013 هاجم الناشطون العلمانيون والثوريون أحد مؤسسي الحركة، وشجبوه على أنه (قواد للمخابرات)”مؤكدا :”موجة الهجمات على الإخوان المسلمين، التي أضعفت رئاسة مرسي، في الفترة التي سبقت الانقلاب العسكري، ليست موثقة بشكل جيد، لكنه حاول توضيح أماكن وقوع الاعتداأت على مكاتب الإخوان في أنحاء مصر، من خلال خارطة تظهر أماكن وقوع تلك الهجمات، في الفترة ما بين 18 يونيو و3 تموز/ يوليو 2013″.
وتابع الكاتب البريطاني :”تلك الهجمات تركزت في محافظات دلتا النيل، وهي المناطق التي كان مرسي عين فيها محافظين، مشيرا إلى أن وتيرة هذه الهجمات، التي وصل عددها لحوالي 40 في مجموعها، تزايدت في الأسبوع الذي سبق 30 يونيو، وتزامنت مع إعلان ضباط الشرطة ووزارة الداخلية الامتناع عن التدخل لحماية البنايات”، مشددا :”هذا الامتناع المدبر والمتعمد من القوات الأمنية كان عاملا مهما في حملات زعزعة الاستقرار، التي كان هدفها تقويض الحكم الديمقراطي، ففي 2008 وقفت عناصر الشرطة والجيش في تايلندا مكتوفي الأيدي، في الوقت الذي احتلت فيه جماعة (القمصان الصفراء) الموالية للجيش المطارين التجاريين في بانكوك لمدة أسبوعين، في محاولة لإسقاط حكومة سوماتشي وونغسوات، وفي 2014 وقف الجيش في باكستان متفرجا، في الوقت الذي قامت فيه حركة احتجاج مقربة من الأجهزة الأمنية باحتلال البرلمان والإذاعة، معارضة لرئيس الوزراء المنتخب نواز شريف”.
وعلقت الصحيفة بالقول :”عندما تظاهرت الجموع في 30 يونيو، منادية برحيل مرسي، ادعى الجيش ووزارة الداخلية بأن أعداد المتظاهرين تقدر بما بين 14 إلى 30 مليونا، وفي مثال على تلفزيون (سي أن أن) قال الجنرال السابق سامح سيف اليزل عشية الانقلاب بأن عدد المحتجين وصل إلى 33 مليونا، وترأس اليزل بعد ذلك قائمة انتخابية مؤيدة للسيسي، ضمت عددا من قيادات (تمرد)، ويقال إن تلك القائمة كانت من ترتيب الأجهزة الأمنية”، مستغربا :” لا يمكن تصديق هذه الأرقام، التي تعكس ما بين 25% إلى 50% من السكان المصريين البالغين، وللمقارنة، فإن الأرقام لمظاهرات يوم المرأة في أمريكا، التي يتوقع أنها الأكبر في تاريخ أمريكا، لم يصل عدد المشاركين فيها إلى أكثر من 4 ملايين شخص، وعدد سكان أمريكا يصل إلى ما يقارب أربعة أضعاف عدد سكان مصر”.
وختمت الواشنطن بوست تقريرها بالقول :”استخدام الجيش لتظاهر أعداد كبيرة لا يقلل من حقيقة أنه كانت هناك معارضة شعبية لرئاسة مرسي، التي قسمت الشارع، والتي يمكن وصفها بالعاجزة”، ليعلق كيتشلي :”إن فهم الدور الذي أداه الجنرالات والمخابرات في خلق الظروف التي مهدت لعزل مرسي، يشكك في الرواية المنتشرة من أن أحداث يونيو 2013، كانت عبارة عن قيام أكثرية المصريين بالثورة فجأة ودون مساعدة من أحد لتبني عودة كاملة إلى حكم العسكر”.