اعتبرت صحيفة “برافدا” الروسية أن المشاكل التي تعاني منها روسيا في الحرب السورية يتركز أساسا في المواجهة المباشرة مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران حليفتها في دعم نظام الأسد.
وقالت الصحيفة :”واشنطن بصدد توريط نفسها أكثر فأكثر في الصراع الداخلي السوري، خاصة بعدما شنت القوات الأمريكية، في الآونة الأخيرة، العديد من الهجمات ضد قوات النظام السوري. وعلى خلفية هذه الخطوة، من الواضح أن واشنطن ستحاول استفزاز دمشق؛ حتى تقوم بالرد على ضرباتها، ما سيمنحها سببا وجيها لإعلان الحرب واستهداف دمشق والإطاحة بنظام بشار الأسد”، ناقلة عن إيغور موروزوف، عضو لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد الروسية قوله :” موسكو قادرة على فهم منطق الإدارة الأمريكية. ومع ذلك، فإن الوضع لا يزال غامضا، ما جعل دمشق تمتنع عن اتخاذ أي خطوات ضد الجانب الأمريكي. لكن ليس هناك سبب من شأنه أن يجعل الأسد خائفا من المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة. في المقابل، لا يعد نشوب حرب على الأراضي السورية ضد الولايات المتحدة خطوة إيجابية في اتجاه تسوية الأزمة، فضلا عن أنه لا يخدم مصالح الأسد”.
وأفادت “برافدا” :”روسيا لا ترغب في التصعيد، وخير دليل على ذلك إصدار هيئة الأركان العامة قبل 10 أيام بيانا، جاء فيه أن الحرب في سوريا توقفت فعليا. ووفقا للقوات العسكرية الروسية، فإن توافقات أستانة إلى جانب إنشاء مناطق وقف التصعيد في سوريا ساهمت فعلا في الحد من التوتر على الأراضي السورية”، موضحة :”الولايات المتحدة لا ترغب في وضع حد للحرب في سوريا. وفي هذا السياق، أعلنت هيئة الأركان العامة الروسية في البيان نفسه أن موسكو على يقين بأن واشنطن لا تكرس كل جهودها بهدف محاربة تنظيم الدولة، وإنما يقتصر عملها فقط على منع قوات النظام السوري من التقدم أكثر في اتجاه مواقع التنظيم”.
وواصل التقرير :” الإستراتيجية الأمريكية التي تكرس كل قواها بالإضافة إلى قوى حلفائها لتحقيق مصالحها الخاصة، ترفض وضع حد للحرب السورية، إذ قد يضر انتهاؤها بمصالحها في المنطقة، واشنطن بصدد استغلال عناصر تنظيم الدولة على الأراضي السورية بهدف تحقيق أجندتها الخاصة، في حين أعربت العديد من الأطراف الأخرى عن عدم رضاها عن التصعيد في سوريا، الذي لا يخدم سوى المصالح الأمريكية”.
وأوضحت الصحيفة :” الضربات الأولى التي وجهتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة نحو قوات النظام السوري قرب التنف لم يمكن المُراد منها استهداف قوات الأسد، وإنما استهداف القوات الإيرانية الموالية له بالأساس. ومن جهتها، زادت طهران من حجم مشاركتها في الحرب السورية بعد شن تنظيم الدولة لهجمات ضدها. وكرد على ذلك، قام الحرس الثوري الإيراني في 18 يونيو بتنفيذ هجوم صاروخي على مواقع تنظيم الدولة في سوريا”، مؤكدة :” الولايات المتحدة تستعمل حجة تعزيز إيران لسياستها الإقليمية في المنطقة كأداة في سبيل تعزيز القتال على أوسع نطاق في سوريا؛ خدمة لمصالحها”.
واعتبرت الصحيفة الروسية أن الهدف الرئيسي من التحركات الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط هو مكافحة الجماعات المسلحة من قبيل حزب الله، والذي يتعبر ذرع الحرس الثوري الإيراني في المنطقة، كما من المنتظر أن تغير أمريكا استراتيجيتها في حالة أرادت إيران التوجه نحو حرب كبرى.
وتابع التقرير :” إيران هي الأخرى مهتمة بتوسيع مشاركتها في الحرب السورية. لكن الفرق الأساسي بينها وبين واشنطن يتمحور حول إسقاط الأسد. فبينما تسعى الولايات المتحدة إلى إزاحته عن السلطة، تتعهد إيران بتقديم دعمها الكامل له. وبالتالي، فإن نجاح الإيرانيين في الحفاظ على الأسد سيجعل بقية الأطراف في الشرق الأوسط تقر بمكانة إيران الهامة”، مؤكدا :” التحدي الأكبر الذي يواجه الولايات المتحدة يتمثل في محاربة إيران لتنظيم الدولة داخل الأراضي السورية. علاوة على ذلك، ستكون هذه المواجهة بمثابة فرصة لدى طهران حتى تثبت أنها قوة مهمة في المنطقة، ولها مكانة لا يستهان بها. وبالتالي، ستكون الحرب السورية بالنسبة لإيران فرصة لإثبات مدى قوتها”.
ولم تنسى “برافدا” أن تشير بالقول في آخر التقرير :” إيران تعوّل إلى حد ما على الدعم الروسي. في المقابل، تضع طهران موسكو أمام خيارين لا ثالث لهما، ففي حال اضطرت موسكو للوقوف بجانب الأسد وطهران في مواجهة عسكرية جديدة، فإنها ستضع كل إمكاناتها وعوامل نفوذها في سبيل هذه المواجهة. أما الخيار الثاني، فيتمثل في إلزام روسيا بالوقوف جانبا، ومراقبة “جزء” جديد من الصراع الإيراني الأمريكي على الأراضي السورية. وفي كل الحالات، ستفقد روسيا عامل المبادرة الاستراتيجية في سوريا؛ نظرا لأن الصراع بين واشنطن وطهران سيقوض ما عملت روسيا على تحقيقه طيلة سنوات”.