الوضع الحالي يقتضي إحداث قطيعة نهائية مع جميع مظاهر الفساد والإفساد، والتجسيد الفعلي لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة،فالولاة الذين يطلبون المنصب ويحرصون عليه، ويُحصلونه ويحصنونه بكل السبل الممكنة، ويعتبرونه مغنما ومكسبا وفوزا هم ولاة فاسدون، بمعنى الكلمة ولا داعي لإستعمال لغة الخشب في وصفهم. رفض والي العاصمة عبد القادر زوخ توليه حقيبة وزير السكن والعمران والمدينة خلفا لعبد المجيد تبون، في الحكومة المقبلة، وتشبت زوخ بمنصبه بحجة انه سيخدم الوطن (مصالحه) فيه أكثر وقد قال في ندوة صحفية عقدها بمقر ولاية الجزائر، أن مكانه كوالي للجزائر أفضل وأحسن بكثير من منصب الوزير.
يجب مساءلة الولاة ومحاسبتهم عن أسباب تضخم ثرواتهم، وتشديد العقوبة عليهم إن ثبتت سرقتهم وتربحهم، واستغلال نفوذهم، وقد سأل عمر رضي الله عنه أبا هريرة واليه على البحرين من أين اجتمعت له عشرة آلاف درهم؟ فأجاب أبو هريرة خيلي تناسلت، وعطائي تلاحق، وسهامي تلاحقت. فأمر بها عمر فقبضت . إن عمر يحسب حسابًا للهدايا التي يحصل عليها الولاة من الناس، وكذلك محاباة الناس للولاة في المعاملات المالية من مضاربة، ومؤاجرة، ومساقات، ومزارعة، وبيوع، ولهذا أخذ عمر رضي الله عنه نصف أموال عدد من الولاة من أصحاب الفضل والدين والأمانة لأجل هذه المحاباة دون أن يتهمهم بالخيانة، وثبت أن عمر رضي الله عنه عاقب الصحابي أنس بن مالك لأنه فرط في حفظ ستة آلاف درهم من الأموال العامة استودعها عند أنس، فضمنه إياها، ويبدو من السياق أن عمر شعر بوجود إهمال في حفظها ولم يتهم أنسًا .ومن ثبت انتهابه وسرقته يطبق عليه أقسى العقوبات الرادعة له ولمن تسول له نفسه سرقة الوطن .