خطف أمناء الأحزاب ولد عباس و أويحيى وغول الأضواء على طريقتهم من خلال تنافسهم الشريف حول من يظهر (التشيات) بشكل أكبر إلى حاكم البلاد وتحول التملق في بلادنا إلى ظاهرة سياسية تهدد عملية النقد البناء، وقد حذر خبراء وباحثون من خطورته على أركان الدولة وتطورها. وظلّ التشيات ممارسة قائمة في واجهة الجزائر السياسية منذ ستينيات القرن الماضي، بيد أنّه تفاقم بشكل خاص في عهد الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، وتنامى بشكل مقلق في السنوات الأخيرة حتى بات لا يعلو عليه صوت النقد البناء أو أي دعوة إلى الإصلاح.
إنّ التصارع حول من يشيت أكثر، فجّر أزمات حقيقية على الدوام، ومعها كادت الأشياء تنزلق مع تصاعد (حمى الشيتة) فكثيرًا ما تشتد على خلفية رغبة كل شيات القفز إلى المقدمة وتولي القيادة، للظفر بـغنائم وعطايا القصر الرئاسي في مرحلة ما بعد الاستحقاقات، وهي توليفة انتابت أيضًا الكثير من الأحزاب المجهرية وما لا يقل عن 68 تنظيماً من جمعيات المجتمع المدني ممن انضوت في حملة التشيات لبوتفليقة، وتنتظر رد الجميل حال تدشين ما يُعرف بـ(الحكومة).
استخدام الشيتة في الحياة السياسية اقترن بشخصيات معينة يجمعها قاسم واحد انعدام برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي للرقي والتقدم بالجزائر نحو الأمام وغياب ماضٍ نضالي وخلفية إيديولوجية أو فكرية وانتماء سياسي لهؤلاء باعتبار معظمهم باعة متجولين سياسياً يقدمون الخدمة لمن يدفع أو يقدم خدمات أكثر في إطار ما صار يُعرف بـ”الشيتة السياسية”. والشيات عكس الحر يختفي وراء أقطاب القوة للترويج لنفسه في ظل عدم قدرته على ذلك بشكل منفرد، وفي حالتنا يطل علينا بعض صغار وكبار المتملقين من وزراء، برلمانيين وكذا مجموعات من مناضلي السياسة وحتى وجوه فنية وقطاع من المواطنين بالتطبيل والتزمير لأطراف معينة قد تختلف باختلاف موازين القوى ومصالح هؤلاء.
يمارس أمناء الأحزاب ولد عباس و أويحيى وغول هذه الأيام حالة من الإرهاب إذ يصورون أن ذكر أي شخص خلاف الرئيس بوتفليقة إنما هو نكران للمعروف وخيانة للوطن وخطر على امن البلاد والذي فسح المجال لهؤلاء لتكلم هو التخلف لأنه مجال خصب لتنامي ظاهرة الشيتة واستفحالها لا كمرض يمس بالأخلاق وإنما كمنظومة يصعب اختراقها أو محاربتها. لأنّ كل رجل فيها في غير مكانه، وهذا بطبيعة الحال يخلق شبكة من اللصوص والانتهازيين يتكاثفون ويتضامنون لسبب بسيط هو حماية كينونتهم، فالشيات يسعى إلى الوصول، والمشيت له يسعى إلى الاستمرار فوق الكرسي. فالشيتة تجمع التملق والنفاق والكذب والتجسس والاغتياب والنميمة والتقية وحتى الإبتزاز، من العبث محاربة الشيتة أو التشيات، ربما من الأجدى محاربة بيئتها، حتى تربية الطفل في بيت أبويه تحتاج إلى تأطير أخلاقي لتحصين الطفل من جرثومة التشيات.