صحيفة البيان الإماراتية / «أشعر أن عقلي لا يتوافق مع جسدي، جسدي لأنثى لا تمثلني ولا أنتمي لها، وعقلي لرجل أتمنى أن أكون منذ صغري، كما أشعر ما بداخلي، أعيش صراعاً نفسياً لا ينتهي، صراعاً قاومته كثيراً، محاولاً أن أتماشى مع رغبة من حولي في أن أكون كما يريدون، لكنني لم أستطع، واتخذت قراري أخيراً بأن أكون كما يريد عقلي، رجلاً وليس امرأة» بهذه الكلمات وصفت كل من (ح، ص) 26 عاماً و(ع، م) 28 عاماً، وضعهما قبل أن يخضعا إلى علاج هرموني وسلوكي وجراحي حولهما إلى رجلين بالكامل في إحدى الدول الأوروبية، ليرفعا بعدها دعوى قضائية في محكمة أبوظبي الاتحادية الابتدائية، يطلبان فيها تغيير جنسهما وأسمائهما في سجلات الدولة الرسمية، في سابقة تعد الأولى من نوعها في الإمارات، خاصة بعد تعرضهما لأكثر من عملية توقيف من قبل جهات أمنية بتهمة التشبه بالرجال، كادت أن تضعهما خلف القضبان.
وشددت الفتاتان في حديثهما لـ «البيان»، أن عملية التحول التي أجريت لهما، تعتبر عمليات تصحيح، وليست تغييراً لخلق الله، والهدف منها أن يتناسب العقل والتفكير مع المظهر الخارجي والمكونات الداخلية العضوية والنفسية الحقيقية لهما، موضحتين بأنهما أحيلتا إلى عدة لجان طبية متخصصه لإجراء الفحص الطبي عليهما، وأكدت جميع التقارير على ضرورة إجراء عملية تحول جنسي، الأمر الذي شجعهما على إجراء العملية، حيث كانتا تعانيان من مرض اضطراب الهوية الجنسية.
شعور داخلي / وقالت (ح، ص) إن إحساسي بأنني رجل بدأ منذ كنت في الثالثة من عمري، فقد كنت لا أحب ارتداء ملابس الفتيات، بالرغم من حرص والدتي بحكم أني أكبر أخواتي على شراء ملابس جميلة، إلا أنني كنت أمزقها، وكنت أفضل ارتداء ملابس الذكور، وعندما كبرت قليلاً كنت أفضل أن أمارس ألعاب الذكور، مثل كرة القدم في الحي، وكنت لا أحب ألعاب الفتيات، وكنت انطوائية بشكل كبير. وتضيف: تم نقلي من المدارس الخاصة المختلطة إلى مداس خاصة بالإناث، بعد أن لاحظ أهلي ما أشعر به، ظنّاً منهم أنها فترة مؤقته وستزول، ولكن كل ذلك لم يؤثر في ما أفكر به وما أشعر به، خاصة بعد أن وصلت سن البلوغ، لم تظهر علي مثل قريناتي بعض العلامات الأنثوية، وكانت والدتي ترجع السبب إلى حداثة سني، وأن هذه الأمور ستتغير بعد الزواج والإنجاب، حتى إن إحدى قريباتي كانت تردد رغبتها في خطبتي لأحد أبنائها، وكنت أستغرب من هذا الأمر، وغير متقبله له تماماً.
رحلة البحث عن الذات / وتقول (ح، ص): بدأت البحث عن موضوع اضطراب الهوية الجنسية عن طريق الإنترنت والتعمق في الموضوع وسؤال الأطباء وغير ذلك، وفي سن 17، أقنعت والدتي لمرافقتي في إجراء فحوصات لمعرفة ماذا يحدث لي (ودون علم والدي)، فوافقت والداتي للاطمئنان علي، حيث أجريت فحص الهرمونان والفحص الجيني والإكلينيكي في أحد مستشفيات الدولة، وأشار التقرير إلى أن معدل الهرمونات الأنثوية في جسدي منخفضة، مقارنة بالمعدل الطبيعي، ولم يجدوا أي تفسير طبي للحالة، مرجعين السبب إلى وجود مشكلة ذهنية أثرت في الهرمونات. وتتابع (ح، ص): ثم على مدى عامين، بدأت أتلقى العلاج الهرموني، ومن ثم علم أقارب والدتي وحاولوا بشتى الطرق ثنيي عن الموضوع، لكنني استمررت في العلاج حتى عند التحاقي بالكلية، ونظراً لحالتي، كنت سأفقد مستقبلي الأكاديمي لعدم تقبل بعض العاملين هناك وضعي، ولكن إحدى المدرسات تفهمت وضعي وعلمت بقصتي، فأوصت بأن أستخدم دورات مياه منفصلة عن الإناث، وتم منعي من دخول مطعم الكلية والانخراط بالنساء. وتقول (ح، ص): بعد الكلية قررت أن أُكمل رحلة العلاج، وفعلاً تمكنت من جمع المبلغ المطلوب للعملية التي أجريتها في إحدى الدول الأوروبية على 3 مراحل، مدة كل عملية 12 ساعة، وها أنا الآن أشعر براحة نفسية كبيرة، وأن الصراع داخلي قد اختفى، فأصبح شكلي الخارجي يتوافق مع عقلي، وما زلت أنتظر الحكم في الدعوى باستكمال تغيير اسمي وجنسي في الأوراق الرسمية. وبادرنا بسؤالها عن رأي الأهل حالياً في الموضوع، بعد أن تحولت إلى رجل، وقالت «أهلي ما زالوا يرفضون الموضوع بالكامل، وكنت خلال مراحل العلاج تعرضت لكافة أنواع الضغوط من قبلهم للتوقف عن هذه الطريق، لكن هم أكدوا أنهم بالرغم من رفضهم، ما زالوا يعتبرونني جزءاً من العائلة».
رؤية قانونية / وبحسب المحامي علي المنصوري، الذي يتولى هذه القضية، فإن صدور الحكم في القضية، مرتبط بما يوصي به تقرير اللجنة الطبية التي انتدبت لإبداء رأيها. وأوضح أن المرسوم بقانون اتحادي رقم (4) لسنة 2016 في شأن المسؤولية الطبية، يمنح الفئة التي شملها الحق في معالجة حالتهم المرضية بناء على تقرير لجان طبية متخصصة، وبالتالي، فإن القانون قد أباح لتلك الفئة إجراء عملية تصحيح الجنس، لتصبح ذكراً بدلاً من أنثى أو العكس، للتخلص من هذه الحالة المرضية التي يعانون منها، ووضعهم في الموضع الصحيح الذي يجدون أنفسهم فيه. وأضاف المنصوري: إن الرأي الشرعي يرى أنه في حال الضرورة، لا مانع من إجراء عملية التحول الجنسي، وهذا لا يعتبر تغييراً لخلق الله، موضحاً أن موكلتيه عُرضتا على لجان من هيئة الصحة، والتي أوصت بسرعة إجراء عملية التحول من أنثى إلى ذكر. وقال: إن المادة السابعة من المرسوم بقانون اتحادي رقم (4) لسنة 2016 في شأن المسؤولية الطبية، أجازت إجراء عملية تصحيح الجنس إذا كان انتماء الشخص الجنسي غامضاً ومشتبهاً في أمره بين ذكر أو أنثى، أو له ملامح جسدية جنسية مخالفة لخصائصه الفسيولوجية والبيولوجية والجينية.