في افتتاحيتها حول نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، قامت صحيفة “الغارديان” البريطانية واسعة الإنتشار بالتعليق على الوضع الفرنسي.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها :” اجتياح الباستيل عام 1789 ضرب مثالا عاليا، ولذلك فإن تعبير (الثورة الفرنسية) من التعابير التي يجب استخدامها بكثير من الحذر، لكننا نستطيع وصف ما حصل في الدورة الأولى من الانتخابات الفرنسية بأنه ثورة في تاريخ السياسة الفرنسية، فلأول مرة في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة، الذي يمتد إلى ما يقارب 60 عاما، فإن الدورة الثانية في 7 مايو ستكون بين شخصين من خارج الأحزاب التقليدية، إيمانويل ماكرون ومارين لوبان، ولا يمثل أي من المرشحين حزبا من الأحزاب المتجذرة، وهذا التحول يعني الكثير بالنسبة لفرنسا ولبقية أوروبا”، مضيفة :” هزيمة الأحزاب التقليدية المتجذرة إهانة لسياسة الأحزاب الفرنسية الحديثة اليمينية واليسارية، حيث حصل المرشح الاشتراكي بينويت هامون، ممثل حزب الرئيس الحالي فرانسوا هولاند، على 6.2% من الأصوات، بحسب التقديرات الأولية، أما المرشح الجمهوري فرانسوا فيون، الذي يحمل العصا الديغولية التي أصبحت ملطخة، فحصل على 19.7% من الأصوات، لكن هذه المرة الأولى التي لا يصل فيها المرشح الجمهوري للدورة الثانية من الانتخابات منذ أن أسس الجنرال ديغول الجمهورية الخامسة عام 1958، لكن لدى اعتبار فضائحه في استخدام المال العام، فإن هذه النتيجة التي حصل عليها جيدة جدا، ومع ذلك، فإن هامون وفيون لم يحصلا سوى على ربع الأصوات، وبدلا من ذلك فإن 3 من كل 4 ناخبين من نسبة مشاركة وصلت إلى 78% صوتوا لصالح التغيير”.
وتابعت الصحيفة :” هامون اعترف بمسؤوليته الشخصية عن فشل الحزب الاشتراكي في الانتخابات، لكن هناك أسبابا كثيرة لا نتحصر في فرنسا، وما كان واضحا هو أن ناخبي اليسار الراديكالي الفرنسي فضلوا خليط السياسات التي طرحها جان لوك ميلانشون، من إصلاحات اجتماعية، وزيادة في النفقات العامة، وعداوة للاتحاد الأوروبي، أكثر من أي شيء قدمه هامون، الذي يعد في يسار حزبه، فحصل ميلانشون على ثلاثة أصوات مقابل كل صوت لهامون، ولذلك فإن هناك درسا تاريخيا على الاشتراكيين هناك أن يتعلموه، وهو شبيه بصعود جيرمي كوربين في بريطانيا عام 2015، فإن الحزب الاشتراكي، الذي أسسه فرانسوا ميتراند في سبعينيات القرن الماضي، لم يعد موجودا، وعليه أن يعود للأساسيات لإعادة بناء نفسه”، مؤكدة :” فرنسا تواجه خيارا واضحا، فالمنافسة في 7 مايو هي منافسة بين الانفتاح والتعصب، بين الدولية والقومية، بين الأمل والكراهية، بين الرجعية والإصلاح، بين الخوف والأمل، ويجب عدم التقليل من شأن وصول لوبان إلى الدورة الثانية؛ لأن ذلك كان متوقعا منذ زمن، أو لأنها أنتهت في المرتبة الثانية بعد ماكرون، إن ثبتت صحة استطلاعات الخارجين من التصويت، حيث حصلت تقريبا على ربع الأصوات بنسبة 21.9%، وهي نسبة أعلى بكثير من 16.9%، التي حصل عليها والدها عام 2002، وحتى لو خسرت في الدورة الثانية، فإن حزبها قد يكون على حافة تقدم تاريخي في الانتخابات البرلمانية في يونيو”.
وواصلت الصحيفة: “من المغري النظر إلى نتيجة لوبان على أنها هزيمة على غرار هزيمة غيرت ويلدرز في هولندا، والاستنتاج بأن القيم الليبرالية الأوروبية نجحت في منع تقدم اليمين المتطرف، وهذا صحيح جزئيا، وهو مصدر ارتياح كبير، ففرنسا وقفت يوم الأحد موقفا جيدا، لكن تهديد اليمين المتطرف في فرنسا لم ينته، كما لم ينته تهديد الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، فتحرك حزبا (يوكيب) في بريطانيا و(إيه أف دي) في ألمانيا نحو اليمين بشكل أكبر الأسبوع الماضي، ويبقى حزب الجبهة الوطنية حزب التعصب والكراهية والقومية في أسوأ معانيها”.
وحول الجولة الثانية قالت الافتتاحية :” يجب الآن على فرنسا أن تقف مرة ثانية خلال أسبوعين لانتخاب ماكرون، فهناك شخصان فقط في هذه الانتخابات، وعلى الفرنسيين أن يفعلوا ما فعلوه عام 2002، ويجتمعوا لهزيمة مرشح الجبهة الوطنية يوم 7 مايو، وبدأ عدد من سياسيي وسط اليمين بالاصطفاف خلف ماكرون، ويجب على الآخرين فعل الشيء ذاته، وكذلك ينبغي أن يكون الناخبون اليساريون أيضا”.