قامت صحيفة “الغارديان” بنشر تقرير للدكتورة رانجانا سريفاستافا، قالت فيه أنها عندما كانت تحضر طعام العشاء، لفت انتباهها جهاز التلفاز الذي قام ببث صور آخر جرائم بشار الأسد حيث سألت إبنها بالقول :” أليس هو طبيب” ؟
وقالت الطبيبة :”لكن ابنتي تعرف أن الحديث في بيتنا عن الطب عادة ما يكون أكثر حيوية، فتستطيع أن تلمس التحفظ في كلامي، ثم تقول: (أنا لا أفهم، أليس من المفترض أن يساعد الأطباء الناس؟)، وبما أنه فات الوقت على تغيير القناة التلفزيونية قلت شيئا لطيفا لكن بقيت الصور تأتي، ما جعلها تستنتج: (ليس الأطباء كلهم يحافظون على الحياة)”، مضيفة :” بلاغة تلك العبارة التي تحطم الفؤاد تنفد إلى صميم فزعي مما يحدث في سوريا، حيث قتل أكثر من 400 ألف شخص، ومؤخرا بغاز الأعصاب، وهناك 6 ملايين نازح داخلي، و5 ملايين لاجئ إلى دول الجوار، والبلد كلها تعاني من التشنجات، ولزيادة المأساة فإنها تتم على يد رئيس كان طبيبا، لم يكن طبيبا نظريا، ليس طبيبا سجل في كلية الطب، لكنه لم يلمس مريضا، لا.. فبشار الأسد كان طبيبا أنيقا ومؤدبا بحسب ما يذكر عنه”.
وتابعت الطبيبة ذاتها :” طبيب درس في جامعة دمشق المشهورة، ثم قام بالتدرب العملي، ثم سافر إلى لندن للحصول على خبرة في طب العيون، وهو فرع عليه طلب كبير، ومقاعده قليلة في الجامعات، وهو طبيب يتذكر المسؤول عنه كم كان متواضعا، وتذكر الممرضات كم كان لطيفا في تهدئة المرضى قبل دخول التخدير، بالإضافة إلى أن زملاءه يذكرون أنه لم يكن متأثرا بكونه ابن رئيس”، مفيدة :” بعض زملائه في الدراسة بقوا على مسافة منه لعلمهم بطول يد أبيه الديكتاتور، والبعض شك في أهليته للقيادة، وكان هذا من الطبيعي لو استقر بشار الأسد في لندن، وقام بممارسة مهنته هنا، لكن ما لم يتوقعه أحد هو أن يتحول الأسد إلى جزار.
وواصلت : “عندما استدعي بشار الأسد للعودة كانت سوريا في حالة ثورة وقتال بين السنة والشيعة، وفي الخلفية توترات الشرق الأوسط كلها، وظن البعض أنه ربما سيكون الأسد المؤدب والمتعلم في لندن، الدي كان يتحدث عن (التجربة الديمقراطية السورية) المدافع عن الشعب وعنصر التغيير، لكن للأسف لم يطل ربيع دمشق، وتحول الأسد الطبيب اللطيف إلى قاتل يخشىاه شعبه” لافتة أن :” الاشمئزاز من الانتهاكات التي ارتكبها الأطباء النازيون – وكان جوزيف منغل الأكثر سوأ للسمعة بينهم– أدى إلى تطوير قواعد نورنبيرغ بخصوص التجارب الطبية على البشر، وكان رادوفان كاراديتش طبيبا نفسيا وشاعرا قبل أن يدان بارتكاب جرائم حرب في يوغسلافيا السابقة، وقام الطبيب البريطاني هارولد شيبمان بحقن 200 من مرضاه المسنين بحقن قاتلة، وتمت إدانة طبيب القلب الأمريكي كونارك مري بالقتل، بعد أن حقن مايكل جاكسون بمادة بروبوفول المخدرة”.
وأكدت :” سيقوم التاريخ بتقييم الأسد يوما ما، لكن عندما أرى مرضاي السوريين لا أدري هل أقوم فقط بعلاجهم من أمراضهم، أم أنظر إلى جروحهم الأعمق، فهشاشتهم واضحة، وكذلك قلقهم وخجلهم”، مستفيضة :” جرائم الأسد ضد الإنسانية تبدو بعيدة لأن تتجسد في ابن أو أم أو جار، وأسهل رد على ذلك هو البقاء صامتا، لكن الشعور يقول إن ذلك خطأ، والرد الآخر هو أن نعرب عن تضامننا مع زملائنا البشر، حتى وإن كانوا يعيشون حياة لا نعرفها في أراض بعيدة، وحتى هذه قد تبدو غير كافية في وجه سياسات الحكومة العقابية، والرد الثالث هو تقديم الدعم للمهنيين الشجعان والمؤسسات التي تصر أن تبقى في سوريا بالرغم من التحديات كلها، معظمنا لن يذهب لسوريا؛ لأننا لا نملك المهارات أو إمكانيات العمل في في ظروف خطيرة وفقيرة، لكن بإمكاننا أن نكون فعالين من خلال التبرع لمؤسسات خيرية ذات مصداقية، مثل الصليب الأحمر والخوذ البيضاء وأطباء بلا حدود، الذين بإمكانهم توجيه المساعدات إلى من يحتاجها”.