قامت مجلة “بوليتيكو” بنشر تقرير قال فيه إن رئيس النظام السوري بشار الأسد لن يخضع للضغوط الأمريكية للخروج من سوريا، بل قد يكون حليفا جيدا لترامب للحرب على تنظيم الدولة داعش.
وقال كاتب التقرير وهو الخبير باراك بارفي :” الأسد سخر من السؤال، وقال إن السؤال يجب أن يكون إن كانت أمريكا حقا تقاتل تنظيم الدولة، ومضى قائلا: “لكن ذلك ليس حقيقة.. إنه خيال، ومعلومات مضللة، وفي الواقع فإن كل ما فعلته أمريكا في سوريا، على الأقل منذ تشكيلها التحالف ضد تنظيم الدولة، هو مساعدة تنظيم الدولة على التوسيع والتمدد”، مضيفا :” الأسد وكبار سدنة النظام لا يعتمدون على حقائق بديلة، بل يعيشون في عالم بديل، وضربة أمريكا للمطار العسكري السوري الأسبوع الماضي لن تعيدهم إلى عالمنا”، لكن الكاتب استدرك : “مع ذلك، فإن العديد من السياسيين والخبراء في واشنطن رحبوا بالضربة؛ اعتقادا منهم بأنها أعادت لأمريكا مصداقيتها، وأقامت رادعا ضد استخدام الأسلحة الكيماوية مستقبلا، وحذرت الأسد من أنه لا يمكنه أن يبقى يهاجم المدنيين دون مساءلة”.
وتابع التقرير :” إنهم مخطئون، إن المراقبين الفطنين لسوريا يعرفون أن ضربة واحدة وانتهى الموضوع لن تجعل سوريا تغير حساباتها، ونظام البعث، الذي حكم سوريا لمدة 54 عاما، لم يخضع أمام التهديدات الأمريكية، بل إنه كان على استعداد لأن يشتبك مع قوات العم سام لحماية مصالحه، وضرب سوريا يعطي الفرصة للاعبين الذين يقومون بمعظم القتال، القوات الجوية الروسية والقوى المقاتلة نيابة عن إيران”، مواصلا :” مع أن المحللين يحاولون التكهن بتحرك الأسد القادم، فإن الشخص لا يحتاج سوى مراجعة خواطر الدبلوماسيين الأمريكيين السابقين لتفحص سجل النظام الذي سيقدم التكهن، فمثلا كتب وزير الخارجية السابق، هنري كيسنجر، في مذكراته (سنوات الهيجان) بأن (سوريا جعلت من العناد صفة وطنية)، في الوقت الذس تحدثت فيه برقية دبلوماسية مسربة عام 2007، عن (صفات التصلب وأحيانا الجمود) للنظام في دمشق، ويجب أن يكون قد اتضح الآن بأن بشار الأسد ورث عن أبيه عناده ومعارضته الانفعالية للغرب”.
ورجع الكاتب إلى التاريخ، حيث قال :” الدروس التاريخية في الواقع تقول بأنه إن زادت واشنطن الضغط على سوريا، فلا يتوقع أن تخضع، حيث اشتبكت القوات السورية مع الأمريكية في لبنان عام 1983 بدلا من أن تستسلم لإملاأت أمريكا، وبعد ذلك بعقدين أعلنت أمريكا أن سوريا هي العدو رقم (1) بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، وفرضت عقوبات، وأقنعت حلفاءها العرب والغربيين بعزل سوريا، وشلت بنوك النظام، وكان طيرانها المدني بالكاد قادرا على أن يبقي طائراته في الجو بسبب قلة قطع الغيار، لكن دمشق لم تنكسر، وردت على واشنطن بسجن دعاة الديمقراطية الإصلاحيين، وإغلاق المنظمات الأمريكية، وإحباط جهودها لجلب الاستقرار إلى لبنان، واليوم لن يغير أسلوب تفكير النظام أقل من احتلال أمريكي كامل لسوريا، فلن تنحني قيادة البعث الوحشية، التي تعيش في عالمها الخاص، أمام التهديد بزخة من صواريخ كروز”، مضيفا :” الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن لدى تسلمه الرئاسة، قائلا: “لقد ورثت فوضى”، مشيرا إلى أنه “في حالة سوريا فهو محق، فليست هناك خيارات جيدة في سوريا، وليس بإمكان أمريكا فعل الكثير لإسقاط الأسد وإقامة حكومة ديمقراطية، أو حتى نصف مقبولة، كما يحلم الرومانسيون في واشنطن”.
وحول سياسة أمريكا، قال الكاتب :” لدى واشنطن خيارات، عندما كنت في سوريا رأيت حواجز حزب الله في دمشق والقوافل خارج حمص، ثالث أكبر مدينة في سوريا، كما شاهدت القوات الخاصة الروسية في مدينة حلب القديمة، إنهم هؤلاء اللاعبون من يدعم النظام السوري، الذي لا يمتلك سوى 10 آلاف جندي جاهز للحرب، بحسب المسؤولين الأمريكيين، أما القوات الروسية فلا يمكن ضربها بكل تأكيد، وهذا يترك المليشيات الشيعية التي تقاتل بالنيابة عن إيران بصفتها ثمرة يمكن الوصول إليها، فلو تم تحطيم قدراتها العسكرية سيوقف ذلك نزيف المعارضة، ويعطيها فرصة للنجاح”، مضيفا :” مهاجمة مجموعات تمتلك إمكانيات إرهابية، مثل حزب الله، أمر خطير بالتأكيد، حيث قام الحزب بمهاجمة أهداف إسرائيلية في مناطق مختلفة من العالم من الأرجنتين إلى بلغاريا، لكن الخطير أيضا اتباع استراتيجية تجاه سوريا لا يعلم أين ستنتهي، والبلد في حال من الفوضى، حيث أن كل من يقترب منها ستلطخه دماء ما يقارب النصف مليون ضحية”.
وختمت الجريدة التقرير بالقول :” الوضع في سوريا انحدر إلى دمار كارثي، وفي الوقت الذي بقيت فيه أمريكا طيلة السنوات الست الماضية مجرد مراقب، فإن التدخل الآن لن يمحو ذنب أمريكا، لقد أصبحت سوريا دولة فاشلة، وليس هناك شيء تستطيع أمريكا فعله لإعادتها ثانية”.