لم يعد الكذب في السياسة حالةً بل ظاهرةٌ تتجلى أكثر حين يتعلق الأمر بصولجان الحكم وكرسيّه الذي خُطّ من حوله بأنواع الخطوط ومختَلِف اللغات لان أكثر كلمة اختلط فيها الكذب بالكذب لا بالصدق هي السياسة وأكثر إنسان تجرّد من إنسانيته في أسمى معانيها وهو الإحساس ومن أعظم معانيها وهو الصدق هو السياسي .
يكذب السياسي أيّاً كانت درجته من الكذب على شعبه ثم يكذب ويكذب حتـى يصـدّق هـو كـذبه ويجزم أنه صـادق رغـم نَـتـْن كذبـه حتى يشك مستمعـه في كذبـه ! ! وهذه طامّة إذ يصدّق الكذاب نفسه ويحيطها بسلسلة نارية وأخرى بشرية ممن تسعى لاهثة نحو مصالحها فحسب تبرّر له كذبه وأفعاله النكراء المبنيّةَ على الحيلة والكذب فيكون الكذب على الناس كذباً مركباً معقداً وهذه طامة كبرى حين يشك كثير من الناس في كذبه فيستحيل شـك بعضهـم يقينـا بصدقه.
سألوا عباس العقاد يوماً لماذا لا تكتب في السياسة أجاب لأن الكتابة في السياسة هي نوع من السياسة وأسوأ ما في السياسة أنك تحمل ختمك على ظهرك فأنت «مسيس» تخضع لهذا الاتجاه أو لذاك الحزب وتجد نفسك تدافع عن أفكار ليس بالضرورة أنها أفكارك وقناعات لا تتفق معها أحياناً وتعارضها فتصبح عسكرياً في معسكر السياسة. وأزيد عليه.. لأن السياسة، كما يقول أكبر دهاة السياسة «ديغول» هي فن استغفال الناس لأن الساسة لا سياسة لهم كل سياستهم أنهم يحاولون أن يكسبوا المعركة شعارهم في ذلك أنا وأنت نكسب.
السياسة هي أن تعارض وتعارض حتى أنك تعارض نفسك أحياناً والسياسة هي أن تكذب وتكذب حتى يصدقك الآخرون وتصدق نفسك بعد ذلك. في السياسة ليس مهماً أن يكون صدرك واسعاً المهم أن ضميرك واسع. في السياسة لا تقل الحقيقة وإنما نصف الحقيقة… في السياسة إذا قلت لا تخف وإذا خفت لا تقل. الفرق ببساطة بين السياسة وعدم السياسة هو في أن تكون كاذباً أو صادقاً أو في أفضل الأحوال تكون هوايتك عندما لا تجد ما تفعله هو أن تكذب على الآخرين وإن لم تجد تكذب على نفسك بأنك رجل صادق وأنك لا تكذب ولكن تتجمل.!!