عند وصولنا إلى القرى المجاورة للمحمية الطبيعية تيكجدة كانت رياح باردة ومنعشة تهب على المكان الذي لا يجعلك تحس بالغربة وأنت متواجد فيه. تيكجدة منطقة هادئة لم يعكر صفوها وصفو الزائرين والذين نعتذر لهم بالنيابة عن سكان القرى عن ازعاج راحتهم. خلال الساعات القليلة الماضية بسبب اضراب لمواطنين من الدرجة الخامسة خرجوا ليطالبوا بأشياء مستحيلة !!! كربط قراهم بالماء والغاز الذين ينعدمان بهذه القرى في عز الشتاء خاصة ومع البرد القارص الذي تشهده المنطقة خلال هاته الفترة من السنة.
وصلنا أخيرا إلى وسط القرى المجاورة للمحمية الطبيعية تيكجدة وجوه تطل علينا وعلامات الفقر بادية على ملامحها. بساطة غريبة في عيون الناس. حب متدفق وكرم ضيافة كبير. طبيعة خلابة كما نراه نحن وقاسية كما يراها سكان هاته القرى أطفال يركضون ويحاولون صنع حياة من اللاشيء. نساء عدن للتو من حقول بعيدة وعلى ظهورهن أكوام من الحطب غير مهتمات بوضع مساحيق التجميل ولا بالحديث الفضفاض عن حقوق المرأة والشعارات الكبيرة المعنى والصغيرة في فهم عمق حاجيات المرأة الجزائرية في المناطق النائية.
هنا في هاته القرى لا تشعر المرأة بأي احتقار او نقص لقيمتها وهي تخرج للعمل طوال اليوم مع زوجها للبحث عن سبل الحياة. هنا المودة والرحمة هي القانون الأسمى بين الزوجين. وكل القوانين التي تصنعها بعض جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة في الصالونات والفنادق الخمس نجوم لا شأن لنساء المنطقة بها. كل شيء طبيعي هنا. كل شيء بدائي حتى شبكة الهاتف تحتاج لمجهود جبار لتلتقطها وقد تنجح في ذلك وقد لا تنجح.
يمكن هنا للزائر أن يرى كيف أن الفقر يتجول راجلا في هذه القرى وكيف أن الناس يبحثون وبشكل دائم عن أسباب الحياة التي تبدو قاسية وصعبة في غياب موارد طبيعية وبرامج تنموية ترتقي بمستوى عيش مواطني هذه القرى الذين يعيشون الحيف بكل تفاصيله يزيده قسوة الطبيعة خصوصا عند فصل الشتاء حيث ينقطعون عن العالم الخارجي بشكل كامل بفعل كمية الثلوج التي تتساقط على المنطقة والتي قد تدوم لأيام أو لأسابيع وهم في عزلة تامة يواجهون مصيرهم بأنفسهم كما علمتهم الطبيعة ذلك.
هنا الناس يموتون ببطئ دون ان يسأل عن حالهم احد هنا لا يهمهم من يسير امور البلاد فقط هم مع من يمنحهم الدفء والحياة اسرقوا البلاد كما شئتم فقط اتركوا القليل من الفتات لأمثال هؤلاء المواطنين من الدرجة الخامسة.