تحتل نظرية المؤامرة جزءا كبيرا من ثقافة الشعوب المتخلفة فقد أضحت هذه الكلمة السحرية تعليلا علميا لتخلفها الحضاري المقيت وجوابا مقنعا وتحليلا منطقيا لكل الحوادث الكبرى التي تشهدها الشعوب المتخلفة من ثورات أو حروب أو المجاعة فهذه الشعوب المتخلفة تبدأ بتحليل مشاكلها خارج نطاق العلم فترمي مشاكلها على أسباب وهمية أو غيبية وتنتظر التغيير من الغيب المجهول الذي تسبب بتعاستهم وباعتبار المؤامرة نوعا من الألاعيب المستورة التي لا يستدل عليها بالمحسوسات والمشاهدات فإنها تغدو جزءا من عالم الغيب الذي يتغول في الشعوب المتخلفة.
كوني جزائري سأرصد هذه الفكرة في بلادنا وذلك بالتوازي مع عرض تلفزيون الجنرالات لبرنامج المؤامرة الكونية ضد الجزائر… الجزائر كمصر إحدى أبرز الدول التي تغولت فيها فكرة المؤامرة حتى أكلت الأدمغة فأذابتها وسطت على النفوس فأنهكتها وأذلتها حتى أصبحت فكرة المؤامرة جزء من العقلية الجزائرية والتي تكونت تحت سلطة الجنرالات وأصبحت جزءا من أدبياته كونه النظام الوحيد المقاوم والصامد في وجه القوى الاستعمارية والكائنات الفضائية وإذ يفسر عقلاء السياسة مشاكل نظام الجنرالات مع دول الجوار بنوع من الحقد السياسي الطبيعي فتجد الجنرالات ينسبون تأخر الجزائر الاقتصادي والاجتماعي على الجيران إلى المؤامرة العالمية أو الكونية على هذا النظام الصامد بصمود قائده العظيم شنقريحة فلم يقتصر فكر المؤامرة على النظام المتسلط فقد انتقل إلى المثقفين وانتشرت عبرهم أنواع من البطولات الخرافية لشخصيات جزائرية وقصص عن المؤامرة التي تتعرض لها الجزائر بواسطة أناس ملثمين يعيشون في القبايل كأدوات للمؤامرة وذلك في اطار عزفهم على وتر الفتنة الطائفية بين الأمازيغ والعرب كأداة من أدوات المؤامرة التي لم يعمل بها أحد على الحقيقة كما عمل بها نظام الجنرالات.