عانت دول كثيرة من أزمات اقتصادية خانقة لكنها لم تواجه خطر الانهيار كدول كما هو حال الجزائر فاليونان تعد مثالا حيا على ما يمكن أن يسببه الاقتصاد من أخطار حقيقية بلد أثقلته المديونية وخضع لأقسى برنامج إصلاح اقتصادي مقابل معونات أوروبية لكن الإصلاحات الاقتصادية على أهميتها لم تكن لتكفي بدون وجود نخبة سياسية مستعدة لتحمل مسؤولياتها حيال بلدها وشعبها.
هنا الأمر برمته منوط بالسياسة والجزائر كانت ولا تزال نموذجا لأسوأ صنف من الساسة الذين وضعوا مصالحهم الشخصية والفئوية فوق مصالح شعبهم وبلادهم والقضية ليست وليدة سنوات قليلة بل عملية ممتدة لعقود طويلة وليس غريبا أن نسمع على كل لسان جزائري عبارة متكررة مفادها أن الخراب يعود لخمسين عاما من حكم الجنرالات….فالجنرالات هم من قاد الجزائر للخراب افرغوا خزائن الدولة لتمويل فسادهم وأنفقوا لتعزيز سلطتهم على الشعب وحكموا البلاد بمنطق العائلة لا الشعب الواحد ولأن الأمور بنتائجها ليس غريبا في هكذا حال أن تستغل أطراف خارجية أزمة الحكم المستعصية لفرض شروطها السياسية على الجزائر وإضعافه فقد كان يمكن لسياسي بصير أن يتوقع النتيجة دون عناء تفكير لكن لا أحدا من ساسة الجزائر لم يكلف خاطره للوقوف مبكرا على الحالة الاقتصادية ومعالجة أسبابها قبل أن تتفاقم إلى الحد الذي يتحول معه الجزائريون إلى شعب يواجه خطر المجاعة بكل معنى الكلمة ودولة عاجزة مشلولة وغير قادرة على الوفاء بأبسط واجباتها تجاه مواطنيها لذلك بالنسبة لنا في العالم العربي انهيار دولة لم يعد خبرا مثيرا يجذب الاهتمام لقد تعودنا على متابعة أخبار الدول وهي تنهار من حولنا واستقبال ملايين اللاجئين والمشردين لذلك إن لم نوقف عبث الجنرالات فالجزائر ستنهار في أي لحظة.