حالة من الاستقطاب والتشرذم، تعيشها ليبيا على المستوى الديني، بهذا وصف سالم الشيخي الداعية الليبي ووزير الأوقاف السابق بعد الثورة وعضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وذلك بعد حادثة مقتل الداعية نادر العمراني، معتبرا أن تأهيل الدعاة يحتاج إلى بيئة مستقرة وهو ما تفتقده ليبيا.
وقال الشيخي في حوار صحفي مع أحد المواقع العربية إن دعاة الوسطية في ليبيا أصبحوا مهددين بالخطف والتقل من طرف التيارات المتشددة وعلى رأسها التيار المدخلي الذي أصبح طاغيا في الوقت الأخير، معتبرا أن هذا التيار هو بالفعل الوجه الآخر لتنظيم الدولة داعش.
وحول الخطاب الديني السائد في البلاد قال أن هذا الخطاب أصبح متأثرا بشكل كبير بالظروف التي تمر منها البلاد مستطردا :” الخطاب يتأثر أيضا بالمناطق والمدن، وخاصة مناطق الصراع، فمثلا في الشرق يتأثر الخطاب بالمشروع الانقلابي الذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وفي الغرب يتأثر بما يحدث من حرب ضد التنظيم الإرهابي “داعش”، فالخطاب الديني عندنا تأثر ولا يزال بمجريات الأجواء التي تعيشها البلاد”، حيث أضاف حول أهلية الدعاة للحديث في شرق وغرب البلاد :” التأهيل للدعوة لا يرتبط فقط بمضمون الخطاب وما يقدمه الداعية، لكنه يرتبط أيضا بالبيئة المهيأة والمستقرة، وبلادنا غير مستقرة، لذا لا يمكن الحكم على الدعاة الآن بأنهم مؤهلون أو لا، لكن لو توفرت الفرصة للدعاة في بيئة مستقرة وغير محتقنة؛ فسيكون لهم دور كبير في رأب الصدع، ونشر الفكر المعتدل”.
وتطرق الداعية الليبي لعمليات خطف الدعاة والعلماء بليبيا، خصوصا من طرف التيار المدخلي الذي يدعم الخليفة حفتر، أحد رموز نظام القذافي البائد، حيث قال حول الظاهرة :” عمليات استهداف العلماء بدأت في شرق البلاد، وخاصة مدن بنغازي والمرج والبيضاء وغيرها، وبدأت الحملة بالتشويه الممنهج، ثم انتقلت إلى التهديد، ثم الخطف، وأخيرا القتل بطرق بشعة، ثم بدأت تنتقل عمليات قتل العلماء والدعاة إلى مناطق أخرى، حتى وصلت إلى الغرب الليبي في مدينتي مصراتة وطرابلس، وتم تسخير عدة وسائل إعلامية لتشويه وإسقاط هيبة العلماء ورمزيتهم في المجتمع الليبي.
وتحدث الشيخي عن التيار المدخلي بشكل أوسع انتشاره الكبير في ليبيا حيث قال :” الفكر “المدخلي” في ليبيا موجود قبل ثورة السابع عشر من فبراير، فقد دعمه نظام معمر القذافي، بل إنه قاده وأيده ابنه الساعدي القذافي. وفي ظل حالة الفراغ الديني وقتها؛ انتشر هذا الفكر وتوغل، وخاصة في القرى والبوادي”، مضيفا :” بعد الثورة انقسم التيار “المدخلي” إلى ثلاثة أقسام، ما بين مقاتل مع القذافي ضد الثوار، وبين من التزم بيته وتجنب الأحداث برمتها، وبين من انضم إلى حاضنة الشعب وشارك في الثورة، وأبناء هذه الفئة الأخيرة حتى الآن يتجنبون الفكر “المدخلي” وما يفعله في البلاد، وقد استقام أمرهم. أما من قاتل مع القذافي؛ فأغلبهم هرب خارج البلاد، لكن أبناء مجموعة “الزم بيتك” فهم المتواجدون الآن بعدما تجمعوا من جديد، وعادوا إلى المشهد، وهم من يناصرون اللواء المتقاعد خليفة حفتر في مشروعه الانقلابي، والوقوف في صف الثورة المضادة”.