لم يتم تصريف الاختلافات و الخلافات داخل مقرات حزب الأفلان فقط ، بل اقتحمت هذه المرة افتتاح جلسة مناقشة مشروع قانون يعدل ويتمم نص قانون المرور أمس الثلاثاء، إذ تدخل جميعي بصفته رئيس مجموعة برلمانية لحزب الأفالان، للإحتجاج على “دعايات مغرضة تدور في المجلس، بهدف ضرب مصداقية نواب مناضلين في المجموعة البرلمانية للحزب”، موضحا “هذه الدعايات لا تخدم استقرار المؤسسات وأن جميع نواب الكتلة مع الرئيس بوتفليقة”، لكن ولد خليفة قاطعه بحجة أنه غير مسجل في قائمة المتدخلين، وبكونه مجرد نائب لا غير، معلقا على كلامه بأنه بصفته رئيس مجموعة برلمانية لحزب الأفالان، مضيفا أنه لا يوجد رئيس إلا رئيس الجمهورية، و تابع هجومه: “لست وحدك في الأفالان يا جميعي، قل هذا الكلام داخل كتلتك، وعلاقاتك الشخصية اتركها خارج القاعة”.
وفيما كان نائب الرئيس، بهاء الدين طليبة، يلقي تدخله، خط محمد جميعي بيده كلمات على ورقة بيضاء وأرسلها إلى رئيس المجلس الذي سارع إلى تمزيقها أمام النواب الحاضرين وممثلي الحكومة والصحفيين بعد نظرة قصيرة إليها متحديا مرسلها.
وكتب جميعي في ورقته “أنا رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني بالتوثيق إلى أن يثبت العكس”. وغادر جميعي القاعة غاضبا، وتصادف خروجه مع مغادرة مجموعة نواب تعودوا على ترك مقاعدهم كلما تدخل بهاء الدين طليبة في النقاش العام، ما فُهم منه في القاعة بأنه تحريض من رئيس الكتلة للنواب على التمرد على رئيس المجلس.
ونفى محمد جميعي في تصريح لأحد وسائل الإعلام الوطنية قيامه بتحريض النواب على التمرد ومغادرة قاعة الاجتماعات، محمّلا مجموعة من النواب العمل على إعادة الحزب إلى مرحلة 2004، في إشارة إلى الصراع الذي نشب بين الموالين للأمين العام للحزب حينذاك، علي بن فليس، وأنصار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
ونبه إلى مسؤولية نائب شغل في مرحلة التسعينات نائب رئيس بلدية في جبهة الإنقاذ المحظورة بباتنة بقيادة عملية الإساءة إلى زميله رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الجزائرية الصينية الذي يشغل حاليا منصب أمين محافظة الحزب بباتنة.
وسبّب هذا الخلاف العلني حالة ضغط عال في أروقة المجلس، فقد سارع مكتب المجموعة البرلمانية للأفالان للاجتماع، لبحث الموقف من ولد خليفة الذي اختفى في مكتبه لفترة، أجرى فيها اتصالات بجهات.
و لم تنجح محاولات التهدئة التي باشرها نواب أعضاء في المكتب السياسي للحزب، إذ عاود ولد خليفة استهداف جميعي قبل رفع جلسة المناقشة الصباحية، مشتكيا إلى أعضاء الحكومة بوجمعة طلعي وغنية الدالية من تعرضه لابتزاز من شخص، وتهديده بسحب نواب الحزب من الجلسة العامة، معتبرا ما تم “تفرعنا”، و”تهديدا باستخدام العلاقات الشخصية”. وفجّر كلام ولد خليفة موجة غضب في قاعة الجلسات، وراح نواب يدقون على الطاولات، موجهين له اللوم على استعماله منبر المجلس في نقاش حزبي داخلي، وتحدى جميعي لاحقا ولد خليفة أن يظهر الرسالة، وقال لصحفيين بالمجلس “نطالب ولد خليفة بإظهار الرسالة الابتزازية، وإن كانت رسالة من خارج الأفالان سندعمه، وإذا كانت من داخل الكتلة سنعطي تعليمات للنائب مهما كان منصبه للاعتذار والانضباط شريطة إظهار الرسالة”.
و رجح نواب أن تصرف رئيس المجلس تمهيدا لعملية تطهير في الحزب تطال رموزا وقيادات محسوبة على الأمين العام السابق سعداني، ناهيك عن نيته في العودة إلى المجلس في العهدة المقبلة، فيما يرى نواب معارضون أن اختيار ولد خليفة كان خاطئا من البداية.
و بهذا يكون قرار رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد خليفة، بعدم اصطحاب رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الجزائرية الصينية، ونائب رئيس الكتلة، ناصر لطرش، ضمن وفد يقوده إلى بكين، بحجة أنه محسوب على المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، علي بن فليس، قنبلة موقوتة داخل أروقة الأفلان و الذي خلق أزمة مع رئيس المجموعة البرلمانية للحزب، محمد جميعي، الذي احتج بشدة على القرار في جلسة علنية.
ليبقى السؤال مطروحا حول خلفية هذه الصراعات التي تنضج يوما بعد يوم، كلما اقتربت الانتخابات التشريعية، فبعدما استقال أو أقيل سعداني ظهرت خطابات وعيدية لكل من يحلق خارج السرب الذي يتم السيطرة عليه بقبضة من حديد، ليأتي هذا الحادث الذي وقع أمس ليفجر قنبلة موقوتة، و لا ندري إلى أي مدى سيصل صداها داخل الأفلان؟